كثر الحديث عن الشاعر ناصر الفراعنة.. وحقيقة أني لاأعرف كثيراً ممايقول..!, ومما يذكر في شعره الجن فهذا بحث عن علاقة الشعراء بالجن قديماً وحديثاً فالأمر ليس وليد اليوم, بل مما عُرِف بذكره الشعراء في أشعارهم..
" شياطين الشعر " .
فعلى اعتبار أن الشعر نشاط إبداعي متميز وغير عادي ، فإنّ العرب في العصور الأولى كانوا يربطون
بينه وبين الكهانة ، فقد كان سجع الكهان لونـًا من ألوان فن القول الذي يندرج في إطار الفن الأدبي ،
بل إن بعض الباحثين يرون أن الشعر قد تطور عن هذا الفن ، وثمة من يشير إلى أن التشابه بين عمل
الكاهن وعمل الشاعر ماثل في بعض الممارسات الطقوسية التي كان يمارسها بعض الشعراء إذا
أرادوا الهجاء مثلاً ، فكان الشاعر يلبس حلة خاصة ويحلق رأسه ويدهن أحد شدقيه ، ويترك له ذؤابتين ويستقلُّ نعلاً واحدة .
كما يزعم بعض الشعراء أن الشياطين يلقون على أفواههم الشعر ، ويدّعون أن لكل فحل منهم شيطانـًا
يقول الشعر على لسانه ، فمن كان شيطانه أمرد كان شعره أجود . وكانوا يتباهون بمنزلة الشعراء الذين يلهمونهم ـ في زعمهم ـ الشعر .
وقد أشارت الروايات إلى أسماء شياطين الشعراء ، فشيطان امرئ القيس لافظ بن لاحظ ، وشيطان
عبيد بن الأبرص هبيد بن الصلادم ، وهو شيطان بشر بن أبي خازم أيضًا ، وشيطان النابغة هاذِر بن ماذر
، وشيطان الفرزدق عمرو ، وشيطان طرفة بن العبد عنتر بن العجلان ، وشيطان أبي نواس
حسين الدَّنـَّان ، وشيطان الكميت مدرك بن واغم ، وشيطان قيس بن الخطيم أبو الخطـَّار ، وشيطان
بشار بن برد شنقناق ، وشيطان أبي تمام عتـَّاب بن حبناء ، وشيطان البحتري أبو الطبع ، وشيطان
المتنبي حارثة بن المُغـَلـِّس ، وشيطان زهير بن أبي سلمى زهير ، وشيطان الجاحظ أبو العيناء ،
وشيطان الأعشى مسحل بن أثاثة ،
وفي مسحل يقول الأعشى :
وما كنت ذا قول ٍ ولكن حسبتني *** إذا مسحل يبري لي القول أنطقُ
خليــــلان فيــما بيننا من مــودّةٍ *** شــــريكان جنـّي وأنسي موفـّقُ
ويقول فيه أيضًا :
فلما رأيت النــــاس للشــر أقبــلوا *** وثابـوا إلينــا من فصيـح وأعجم ِ
وصيــح علينــا بالسيـــاط وبالقنا *** إلى غـابـة مرفـوعـة عند موسم ِ
دَعَــوتُ خَليلي مِسْحَلاً وَدَعــوا لهُ *** جَهَنـّــامَ جَـدعًا لِلهَجيـن ِ المُذَمَّـم ِ
حَبــاني أَخـي الجِنِّيّ نَفسي فِـداؤهُ *** بِأفيَـحَ جَيّـاش ِ العَشِيّـاتِ خِضـرِم ِ
فقال : ألا فانزل على المجد سابقا *** لك الخيــــــر قلـد إذ سبقت وأنعم ِ
أما حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ فيقول عن شيطانه :
ولي صاحبٌ من بني الشيصبان *** فطــورًا أقــــول وطـــورًا هــوه
ويقول :
لا أَسرِقُ الشُعَراءَ ما نَطَقوا *** بَل لا يُوافِقُ شِعرهُم شِعري
إِنّي أَبـى لي ذَلِـكُم حَسَبــي *** وَمَقـالــة ٌ كَمَقالِـع ِ الصَخـر ِ
وَأَخي مِنَ الجِنِّ البَصيرُ إِذا *** حـاكَ الكَـلامَ بِأَحسَـنَ الحَبـر ِ
وهذا أحد الرجاز يصف شاعره بأنه أمير الجن :
وإني وإن كنتُ صغيرَ السّنِّ *** وكان في العيــن نبـوٌّ عَنـّي
فـإنّ شيطاني أميـــرُ الجــنِّ *** يذهب بي في الشعر كلَّ فـَنِّكما يقول أبو نجم العجلي :
إني وكلُّ شـاعر ٍ من البشر *** شيطانهُ أنثى وشيطاني ذكـرْ
فَما رَآني شـاعِرٌ إِلا استتـرْ *** فِعلَ نُجوم ِ اللَيل ِ عايَنَّ القَمَرْ
ثم انظر كيف يفخر امرؤ القيس بتوابعه من الجن :
أنا الشاعر الموهوب حولي توابعي *** من الجن تروي ما أقول وتعـزفُوكيف يتباهى بمنزلته هو حين يقول :
تخيـّـرني الجـنَّ أشعـــارها *** ** فما شئتُ من شعرهن اصطفيت
وهذا جرير يقول :
إني ليلقي عليَّ الشعرَ – مكتهلٌ- *** من الشياطين إبليـسُ الأباليـس ِ
والفرزدق يقول :
لـََتـَبلـُغـَن لأبـي الأَشبـال ِ مِدحَتـُنـا *** مَن كانَ بِالغـَورِ أَو مَروَي خُراسانا
كَأنَّها الذهَـبُ العِقيـــانُ حَبّــــرهـا *** لِسانُ أشعَر ِ أَهل ِ الأَرض ِ شَيطانـاعراب الحب