من فوائد نظريات كارل ماركس الإقتصادية-وهذا لا يعرفه الكثيرون- بأنه هذب الرأسمالية وجعلها أكثر إنسانية...
فبعد نجاح الثورة الروسية إخترع الإنكليز حزب العمال البريطاني خوفأ من الشيوعية...وقدم روزفلت في أمريكا برنامج العهد الجديد الذي قدم للعمال الضمان الإجتماعي والتأمين الصحي وخلافه وكل هذه البرامج جعلت الرأسمالية تصمد في وجه الشيوعية -بل وتهزمها في نهاية المطاف...
الأزمة المالية العالمية التي تعصف بالعالم هذه الأيام تعود في أساسياتها لسياسات الرئيس الأمريكي الأسبق : رونالد ريجان..
فهو أبعد وألغى معظم القوانين الحكومية التي تراقب وتنظم القطاع الخاص وأعطى حرية مطلقة لجشع رأس المال لإدارة الإقتصاد وقطاع الأعمال...مما خلق (رأسمالية فريدة ) غير موجودة في العالم خارج الولايات المتحدة الأمريكية...
(الرأسمالية الأمريكية) وجدت مقلدين في اليابان في عقد الثمانينات من القرن الماضي مما أدى لإنهيار القطاع المالي الياباني في نهاية العقد وهو ما يعاني منه الإقتصاد الياباني لمدة تزيد عن ال: 15 سنة الماضية..
كان الأمريكيون يقولون للعالم : إذا كنتم تريدون أن تكونوا ناجحين مثلنا فما عليكم إلا رفع الرقابة عن القطاع الخاص ومنحه الحرية المطلقة والحد من القوانين وإبعاد البيروقراطية الحكومية عنه...أي بمعنى أخر العودة لمقولة أدم سميث (مؤسس الرأسمالية ) بأن هنالك (يد خفية) هي التي تحرك الرأسمالية وهي العرض والطلب والتنافس الحر الذي لا يردعه سوى بيروقراطية الحكومة...
ومنذ الإنهيار الإقتصادي الكبير سنة 1929 كانت البنوك الأمريكية هي المحرك الأول للإقتصاد الأمريكي-فهي تقرض رجل الأعمال لبناء مصنعه او توسعته..وتقرض المواطن العادي لشراء منزله أو سيارته ولكن وبسبب إنعدام الرقابة الحكومية وقعت في خسائر الرهن العقاري في السنة الماضية مما أدى لتفاقم وظهور الأزمة الحالية...
المضحك المبكي في الأمر بأن الرأسمالية الأمريكية (القبيحة) هي الأن اصبحت مالكأ وشريكأ في القطاع المصرفي وهذا سيجعل ريجان يتقلب في قبره..!
وهو مؤشر أخر بأن الديمقراطيين ( الذين ينادون دائما بل ويفرضون رقابة أكثر من الجمهوريين على القطاع الخاص) سوف يسيطرون على الكونجرس الأمريكي بعد ثلاثة أسابيع وربما البيت الأبيض أيضأ بالرغم من لون جلد اوباما...