--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (التحريم
' يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا 'أي توبة صادقة جازمة تمحو ما قبلها من السيئات وتلم شعث التائب وتجمعه وتكفه عما كان يتعاطاه من الدناءات .
. وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا عمرو بن علي ثنا عباد بن عمرو ثنا أبو عمرو بن العلاء سمعت الحسن يقول : التوبة النصوح أن تبغض الذنب كما أحببته وتستغفر منه إذا ذكرته فأما إذا جزم بالتوبة وصمم عليها فإنها تجب ما قبلها من الخطيئات كما ثبت في الصحيح : ' الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها' .
وقوله تعالى ' عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ' وعسى من الله موجبة 'يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه ' أي ولا يخزيهم معه يعني يوم القيامة ' نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ' كما تقدم في سورة الحديد' يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ' قال مجاهد والضحاك والحسن البصري وغيرهم هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طفئ .
حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له منتوبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكةالعذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة قال قتادة فقال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره (صحيح مسلم)
( نأى بصدره )
أي نهض , ويجوز تقديم الألف على الهمزة وعكسه , وسبق في حديث أصحاب الغار . وأما قياس الملائكة ما بين القريتين , وحكم الملك الذي جعلوه بينهم بذلك , فهذا محمول على أن الله تعالى أمرهم عند اشتباه أمره عليهم , واختلافهم فيه أن يحكموا رجلا ممن يمر بهم , فمر الملك في صورة رجل , فحكم بذلك .
والحمد لله رب العالمين وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه والتابعين باحسان الي يوم الدين