عرف التاريخ السياسي العراقي الحديث أشكالا مختلفة من التنظيمات السياسية والاجتماعية والتي عملت تحت ظروف مختلفة , محاولة إحداث تغيير ملموس على واقع المجتمع العراقي ..... كل على شاكلته ... القوميون .. والشيوعيون ... أليبراليون ... والإسلاميون ... وغيرهم.. ولقد تميز العمل السياسي والتنظيمي لهذه الجهات المختلفة بمحدوديته وضيق نطاق حركته ( المؤثرة) في الساحة العراقية قبل احتلال العراق من قبل أمريكا وحلفائها .. وهذا يعود بطبيعة الحال الى عامل رئيسي وهو تضييق السلطات السابقة على الحريات الفكرية وحضرها للأنشطة السياسية واعتقال قياديها فضلا عن تصفية الأعم الأغلب منهم ... لقد أسهم هذا الواقع الصعب في ابتعاد الكثير من القيادات الحزبية وهجرتها الى خارج البلاد وخصوصا الى البلدان التي كانت على علاقة متوترة مع النظام السابق ,,, ولقد شكلت هذه الأحزاب المختلفة ما كان يعرف بالمعارضة العراقية ... التي عملت على الإطاحة بالنظام السابق ,,,, حسب ما كانت تصرح به ,,,,, ومنها الأحزاب الإسلامية محور كلامنا .... ومع إيماننا بان هذه الاحزاب بذلت الكثير والكثير وقدمت التضحيات الجسام من خيرة قياداتها وكوادرها فلذات أكباد هذا الوطن ,,, الا أننا نؤمن بحقيقة مأساوية .... هي أن الاستقلالية في رسم السياسة المستقبلية للعراق لم تكن بمستوى التاريخ النضالي لهذه الاحزاب والحركات .. لماذا ..؟ لوقوعها كما نعتقد تحت تأثير المصالح الدولية وخضوعها لسياساتها وصيرورة الكثير منها أدواة لتنفيذ أجنداتها ...وبعد ان تم احتلال العراق والإطاحة بالنظام السابق وبدء عملية إعادة تشكيل مؤسسات الدولة العراقية وما تبع ذلك من الإعداد للانتخابات البرلمانية... وجدت هذه الأحزاب نفسها في حالة من العزلة والافتراق عن الجماهير .....سببها قبولها بمبدأ المحاصصة الطائفية والحزبية وانصهار البعض منها بمشاريع خارجية .. ولقد كان للأحزاب الإسلامية الحصة الأكبر من الرفض الشعبي والجماهيري ...ان استخدام الجهات الإسلامية العناوين والرموز الدينية وفي مقدمتها اسم المرجعية في حملاتها الانتخابية للوصول الى السلطة ,,, الحقَ أضرارا بالغة بالمرجعيات الدينية ساهم في تعميقه الإعلام المعادي للإسلام .. فأبرز عوامل الفشل والضعف في مسيرة الأحزاب الإسلامية في مختلف المجالات وتم توظيف هذا الفشل في ضرب المشروع السياسي الاسلامي والمرجعيات الإسلامية لتهيئة الأذهان والنفوس لتقبل الخيار البديل ............ ما هو الخيار البديل ... ؟ لقد أدرك الشارع العراقي حجم الخسارة ..!! وأدرك انه أخطأ في الاختيار ... وأصبح من اللازم عليه ان يصحح الخطأ... كان يجب ان يختار الوطن قبل كل شيء ... كان يجب ان يدعم الجهات الوطنية الحرة التي لم تتبنى أي أطروحة خارجية ..كان عليه ان يختار من يحمل همومه كمواطن عراقي بمعزل عن أي عنوان ضيق ... لقد أصيب بالذهول والاندهاش وهو يرى أحلامه وتطلعاته تذهب أدراج الرياح ويرى تخلي أصحاب الشعارات عن شعاراتهم ... ان خيبة الأمل الكبيرة التي أصابت المجتمع بحالة من( الاكتئاب الوطني ) ان صح التعبير جاءت نتيجة للواقع المأساوي الذي خلفته أكثر الجهات السياسية وهي تساهم في تبديد ثروات العراق وحرمان أبنائه من مصادر العيش الكريم ... وهي تساهم من خلال تخبطها في الميدان السياسي لقد برزت الحاجة الى الخيار الوطني كبديل أساسي لكل ما مطروح على الساحة العراقية المضطربة ليحمل المعاناة , نعم كل المعاناة , ويعمل من اجل التغيير الحقيقي الذي طالما انتظره العراقيون .. ليأخذ كل ذي حق حقه ... ان هواجس العراقيين وأمنياتهم وتطلعاتهم يقف في طريقها قراصنة العاطفة ...!!! فهاهم يحاولون مرة اخرى تزوير الإرادة الشعبية ويحاولون ذر الرماد في العيون .. ليغطوا على الفشل السابق ...ليسرقوا أمنيات الشارع العراقي الذي بات يحلم من جديد بعد ان استيقظ من كابوس مرعب ... لقد عمد بعض أصحاب المصالح اللا مشروعة الى انتهاج الخدع القديمة البالية ولكن بأسلوب جديد .. ضنا منه ان الشعب لا يزال غافلا عن الحقيقة فبدأ برفع الشعارات الطائفية وغيرها ، وبشن حرب نفسية تهدف الى نزع ثقة الشعب بنفسه من خلال التخويف من رجوع البعثيين مرة أخرى الى قيادة الدولة !!!!! أي بعثي يمكن ان يرجع الى قيادة الدولة بعد كل هذه السنوات ..!!؟ وبعد كل هذه التغييرات السياسية والامنية والدستورية ....؟؟؟؟ الا يكفي ما لحق بها من أضرار بالغة نتيجة لتزوير تأييداتها لصالحهم ؟؟ لقد صرحت المرجعية الدينية مرارا وتكرارا أنها تقف على مسافة واحدة من جميع العراقيين , فلا يمكن لها بأي حال من الأحوال ان تحصر نفسها في إطار ضيق سرعان ما يتهاوى أمام إرادة التغيير والإصلاح التي ينتظرها الشعب بفارغ الصبر ..نعم انها حرب نفسية من طراز متقدم هدفها تزوير الإرادة الوطنية عموما ...لقد بدأوا يغيرون المصطلحات والتعابير ..... يتلاعبون بالألفاظ والمفردات في محاولة لكسب رضا الشارع المكتئب بفعل سياساتهم .. يسرقون الشعارات ويتقمصون الأدوار يذرون الرماد في العيون ليهموا الشارع العراقي بأنهم حسب المقاييس التي يطلبها ..معتقدين ان الوطنية هي شعار يرفع عندما تستدعي الضرورة اليه .. لقد أحسوا بالخطر فالمعادلة كما تشير كل التوقعات تسير نحو الانقلاب عاجلا ام آجلا . ان الوطنية تعني فيما تعنيه حمل هموم كل العراقيين والتضحية من اجلهم جميعا ..وهي تعني النزاهة والإخلاص والتفاني من اجل تقديم أفضل الخدمات لأبناء البلاد عموما .. فهل يستطيع أصحاب المصالح اللامشروعة انتهاج هذا السلوك ..!؟